مقال جريدة الشعب حول الوظيفة السامية لمجمع اللغة في ترقية لغة الضاد

يستعرض البروفيسور علي كشرود في مقاله الدور الريادي الذي تؤديه المجامع اللغوية عامةً، والمجمع الجزائري للّغة العربية خاصةً، في خدمة اللغة العربية والنهوض بها في ظلّ التحولات الرقمية والعولمة الثقافية.
ينطلق الكاتب من فكرة أساسية مفادها أن قوة الأمم في قوة لغاتها، وأن ازدهار العربية واستمرارها رهينان بقدرتها على التكيّف مع التطور العلمي والتكنولوجي.
🔹 المجمع بين الفكر والعلم
يُبرز المقال أن مجمع اللغة العربية هو مؤسسة فكرية وعلمية تتحمّل مسؤولية تحديث اللغة وتعريب المصطلحات وتوحيدها وحوسبتها، لتكون قادرة على التعامل مع أدوات العصر الرقمي.
ويتتبع الكاتب تاريخ نشأة المجامع اللغوية منذ الأكاديمية الفرنسية (1635) مرورًا بمجامع القاهرة ودمشق وبغداد وصولًا إلى المجمع الجزائري (1986) الذي يسعى إلى ترسيخ العربية في المجالات العلمية والإدارية والثقافية، من خلال إعداد المعاجم المتخصصة، وإحياء التراث، وتعليم العربية للناطقين بغيرها.
🔹 تحديات العصر الرقمي
يشير المقال إلى أبرز التحديات التي تواجه اللغة العربية في عصر الرقمنة، ومن بينها:
ضعف المحتوى العربي على الإنترنت وهيمنة اللغات الأجنبية.
غياب سياسات لغوية موحدة ومؤسسات رقمية فاعلة.
محدودية حضور العربية في مجالات العلم والإعلام الحديث.
ويرى الكاتب أن الرقمنة اللغوية ليست مشروعًا تقنيًا فقط، بل مهمة حضارية تهدف إلى جعل العربية لغة علم وتواصل عالمي.
🔹 جهود المجمع الجزائري للغة العربية
إعداد معاجم رقمية حديثة وتطوير برامج لمعالجة اللغة حاسوبيًا.
توحيد المصطلحات العلمية والأدبية بين الدول العربية.
تشجيع الترجمة والتعريب والتأليف في مختلف المجالات.
توظيف التقنيات الصوتية والحوسبة اللغوية لخدمة الدراسات اللغوية.
نشر الأبحاث والدراسات المتخصصة في اللغة وآدابها.
🔹 العراقيل والتحديات القائمة
يعدد الكاتب مجموعة من العراقيل التي تواجه النهضة اللغوية المنشودة، منها:
انتشار الأمية والأمية المعلوماتية في العالم العربي.
ضعف التأليف والنشر والبحث العلمي الرقمي.
غياب الدور الفعّال للجامعات ومراكز البحث في رقمنة التراث.
هشاشة البنية التحتية الرقمية في عدد من البلدان العربية.
ويقترح تجاوز هذه العقبات من خلال:
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي اللغوي.
تطوير خوارزميات التدقيق والتحليل الآلي.
تعزيز التعاون بين المجامع اللغوية العربية وتوحيد الرؤى المستقبلية.
في الأخير، يؤكد البروفيسور كشرود أن اللغة العربية كائن حي متجدد قادر على التطور إذا وُجدت الإرادة والعزيمة، وأن تراجعها لا يعود إلى ضعفها، بل إلى ضعف مستعمليها.
ويخلص إلى أن ترقية لغة الضاد مشروع حضاري شامل يهدف إلى إحياء الهوية الثقافية، وتقوية الاقتصاد، وإعادة إشعاع الثقافة العربية عالميًا من خلال رقمنة اللغة وتعزيز حضورها في الفضاء الرقمي.
ويرى الكاتب أن المجمع الجزائري للغة العربية يؤدي في هذا المسار وظيفة سامية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتؤسس لنهضة لغوية جديدة في زمن التكنولوجيا والعولمة.

آخر تحديث 20 أكتوبر، 2025