الفتوى اللغوية الثالثة :

❓ السؤال :

سلام الله عليكم كيف حالكم أتمناكم بخير حال

أغتنم هذه السانحة للاستفسار عن استعمال لفظي مساهمة وإسهام

أيهما أصح نقول إن الباحث له إسهامات جادة ومهمة في التخصص أم له مساهمات؛ هناك من يقول إن المساهمة مأخوذة لعبة كانت تمارس أيام ما قبل الإسلام بينما الإسهام يكون لمن قدم جهدا في خدمة مجال ما أو تأدية عمل ما يتطلب التعاون؟

✅ الإجابة :في صحّة استعمال «سَاهَمَ» بمعنى: شَارَكَ.

المشكلة:

شاع استعمال الفعلين: «أَسْهَمَ» و«سَاهَمَ» بمعنى «شَارَكَ» في لغة العصر الحديث، فيُقال: سَاهَمَ فُلَانٌ فِي أَشْغَالِ المُؤْتَمَرِ، ويقصدون به: شارك في أشغال المؤتمر بمداخلة ونحوها.

ولقد اعترض بعض اللّغويين والمهتمين بالصّواب اللّغويّ في العصر على استعمال «سَاهَمَ» بمعنى: شَارَكَ فِي الأَمْرِ، لأنها، بزعمهم، من استعمالات المحدثين الّتي لا تمتّ إلى الصّحّة اللّغوية بدليل ولا استعمال. فإلى أي مدى يصحّ هذا الاعتراض؟

العرض:

الحقيقة أنّ لفظ «سَاهَمَ» استعملت قديما بمعنى: شَارَكَ، بالإضافة إلى معانيها الأخرى: فنقول: سَاهَمَهُ، أي: قَارَعَهُ وَغَالَبَهُ، وَسَاهَمَهُ المَالَ: قَاسَمَهُ إِيَّاهُ وَأَعْطَاهُ نَصِيبَهُ مِنْهُ.

واستعمال «ساهَمَ» بمعنى: ساهم في الأمر: شارك فيه، قديم في الاستعمال اللّغويّ العربيّ، فقد قال أبو الأسود الدؤلي (69هـ/688م):

أَبَا ثَابِتٍ سَاهَمْتَ فِي الحَزْمِ أَهْلَهُ*** فَرَأْيُكَ مَحْمُودٌ، وَعَهْدُكَ دَائِمُ

يُنظر: ديوان أبي الأسود الدؤلي: صنعة: أبي سعيد الحسن السكري، تحقيق: محمّد حسن آل ياسين، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ط2، (1418هـ/ 1998م، ص‏402.‏

وقد ثبت استعمال لفظ: سَاهَم بمعى: شَارَك، في مقدّمة معجم لسان العرب: فقال: “فاستخرت الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي جمع هَذَا الكتاب المُبَارك، الَّذِي لَا يُسَاهَم فِي سَعَة فَضله وَلَا يُشارَك”.

كما أنّ المعاجم العربية الحديثة والمعاصرة (الوسيط، المنجد، الأساس) استعملته بهذا المعنى.

الحُكْمُ:

يجوز استعمال لفظ «سَاهَمَ» بمعنى: شَارَكَ فِي الأَمْرِ إلى جانب لفظ «أَسْهَمَ».

ملاحظة: يَصِحُّ، كذلك، استعمال اسم الفاعل «المُسَاهِمُ» من الفعل «سَاهَم»، بمعنى المُشَارِكُ فِي الأَمْرِ.

وبالله التوفيق.

الأستاذ عبد القادر بوشيبة

عضو دائم بالمجمع الجزائري للغة العربية

آخر تحديث 19 نوفمبر، 2024